أقدم فيروس في العالم: كيف نقلت الفئران أول الأوبئة إلى الإنسان

"

"يُعتبر الفيروسات من أقدم الكائنات على وجه الأرض، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن بعض هذه الفيروسات انتقلت إلى البشر منذ آلاف السنين عبر الحيوانات، وعلى رأسها الفئران. فقد أثبتت دراسات أثرية وجينية أن بعض الأمراض الفيروسية الفتاكة التي عرفتها البشرية كان مصدرها القوارض، وخاصة الفئران التي كانت تعيش قرب الإنسان في البيئات الزراعية القديمة.

الطاعون: الفيروس القاتل القادم من الفئران

واحد من أشهر الأمثلة على ذلك هو الطاعون الدبلي، الذي سببه فيروس أو بكتيريا انتقل من الفئران إلى الإنسان عبر البراغيث. الطاعون حصد أرواح ملايين البشر عبر التاريخ، وخاصة خلال ما يُعرف بـ”الموت الأسود” في أوروبا في القرن الرابع عشر. ومع أن البكتيريا هي العامل الرئيسي في هذا المرض، فإن الفيروسات المرافقة له والموجودة في الفئران كانت جزءاً من المشكلة.

اكتشاف أثر أقدم فيروس في رفات بشرية

في السنوات الأخيرة، تمكن علماء من جامعة في الدنمارك من اكتشاف فيروس قديم جداً في رفات بشرية عمرها حوالي 5,000 عام. وقد توصلوا إلى أن هذا الفيروس ينتمي إلى نوع يُعرف اليوم باسم “فيروسات هانتا” (Hantavirus)، وهي فيروسات تنقلها الفئران وتسبب أمراضاً تنفسية وكلوية خطيرة.

كيف ينتقل فيروس هانتا من الفئران؟

ينتقل فيروس هانتا إلى الإنسان من خلال:

• ملامسة بول أو براز الفئران المصابة
• استنشاق جزيئات الغبار الملوثة بمخلفاتها
• أو أحياناً عن طريق عضّ الفأر للإنسان، وإن كان نادراً

ويُصنَّف فيروس هانتا اليوم ضمن الفيروسات الخطيرة التي لا تزال تسبب حالات مرضية حول العالم، خاصة في المناطق الريفية والبيوت القديمة التي تكثر فيها الفئران.

لماذا تُعد الفئران ناقلاً خطيراً للفيروسات؟

الفئران ليست فقط حاملة للأمراض، بل تعتبر وسيطاً ممتازاً لانتقال العدوى بسبب:

• تكاثرها السريع
• قدرتها على العيش قرب الإنسان
• نقلها لأكثر من مرض في آن واحد

وقد كشفت دراسات بيئية حديثة أن الفئران تنقل أكثر من 35 نوعاً من الفيروسات والبكتيريا إلى البشر.

خلاصة

من خلال تتبع تاريخ الأمراض، نكتشف أن الفيروسات ليست ظاهرة جديدة، بل هي كائنات تطورت مع تطور الحياة على الأرض. وتبقى الفئران، رغم حجمها الصغير، من أخطر الوسطاء الطبيعيين في نقل هذه الفيروسات إلى الإنسان. الوعي بالنظافة العامة، ومكافحة القوارض في البيوت والمزارع، تبقى من أهم وسائل الوقاية من الأمراض الفيروسية القديمة والجديدة